كيف نستعيد الثقـــة بالطبيب اليمنـي

Friday, 20 December 2013

د.عبد الله الاسطى

في السنوات الأخيرة شهدت اليمن تطوراً ملحوظاً من ناحية تواجد الكادر اليمني الكفء ومن ناحية توفر معظم الأجهزة الطبية اللازمة لعلاج مختلف الأمراض وكذلك المحاولات الفردية الممتازة في التثقيف الصحي التي يقوم بها ناشطون إعلاميون سواءً في الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء، ولكن كل هذا لم يمنع تدفق كثير من المرضى اليمنيين إلى الخارج سواء كانت الأمراض بسيطة أو معقدة، والذي يُظهِر بدوره أن ثقة المريض اليمني في أطبائِه مازالت مهزوزة بشكلٍ كبير رغم توفر الكفاءات الممتازة في كل المجالات وعند بحثنا عن سبب ذلك وجدنا كثير من المشاكل التي تفاقم من فقدان الثقة لدى المريض اليمني، وهو ما يحتاج لعدة حلقات لذكرها ولكن هذه المرة سنسلط الضوء على الشيء اليسير من ذلك .

نحن نلاحظ وبدون شك وبشكلٍ دوري ويومي كثير من أنصاف الأطباء الذين يمارسون ممارسات بكل تأكيد تشوه صورة الطب والأطباء الأكفاء وتعطي صورة قاتمة جداً للمرضى يتناقلونها في كل مكان .

ونحن نرى ذلك ويراها كل طبيب وتراها النقابات والدولة وللأسف لعدم وجود نظام متكامل في جميع أجهزة الدولة يكمل بعضه بعضاً ويعمل على ضبط النظام بجميع صوره نرى تلك الممارسات تتوسع بشكلٍ مزري، ولا نرى أي مبرر لاستمرار بعض هؤلاء الأطباء في ممارساتهم الخاطئة سوى الجشع المادي وعدم الخبرة وعدم القدرة على خدمة المريض بالشكل العلمي وعدم حب السؤال أو التعلم وعدم وجود قوة فاعلة من النقابة أو من الأطباء المتميزين والمشهود لهم بالوقوف أمام تلك الممارسات الخاطئة .

إذ نرى عدد من الأطباء الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم في المستشفيات الحكومية أو الخاصة يجرون العمليات بشكل ينمّ عن عدم خبرة البتة أو ينمّ عن الجشع المادي ولا يخجلون أن عملهم ذلك سيطّلع عليه غالبية الناس والأطباء، كما نرى في وصفاتهم الطبية كثير من التخلف وعدم الفهم والترتيب الذي يستحي الإنسان أن يعرضها في بلاد الخارج.

كما نرى استغلال المريض في طلب أشعّات وفحوصات لإثقال كاهل المريض للحصول على نسبة ضئيلة، كما أن أخلاقياتهم مع الأطباء المتدربين تنُمّ عن كراهية وجهل بعدم نقل الخبرات خاصة في إجراء العمليات الجراحية إن كان هناك خبرات أصلاً، وتعمُّد إنشاء جيل جاهل لا يفقه إلا القليل .

وبالطبع هذا لا يحدث إلا ممن لا يملك الخبرة ولا القدرة؛ فيحاول تغطية فشله بتلك الممارسات مع الأطباء الذين ضحوا بوقتهم وأهلهم وحياتهم للتعلم واكتساب الخبرات .

كما أن تفرق الأطباء في نقابات مختلفة يدل على قصور النضج العقلي؛ فالفرقة تؤثر على الجميع دون استثناء، وتؤدي إلى عدم القدرة على تقديم أي برامج علمية تفيد الأطباء أو صحية تفيد المرضى أو القدرة على نيل الحقوق من الدولة أو غيرها أو المحافظة على سمعة وحقوق ودماء الأطباء .

ونرى الأكاديمية الطبية العلمية مفقودة في أوسع صورها في كثير من المرافق الطبية مما يؤثر على الإنتاج العلمي والفكري في الحقل الطبي وينشئ جيل لا مرجعية له أو لا يؤمن بالمرجعية العلمية لعدم اقتناعه بما يرى، أو انعدام الحس العلمي وحب التعلم فيرى نفسه مرجعية كاملة وقد يكون لا يفقه شيئاً .

إن عدم وجود تلك الأكاديمية العلمية الطبية أدت إلى خلط عجيب في المجال الطبي تمثل في غياب الأخلاق الطبية واتهام الأطباء بعضهم بعضاً دون خجل أو حياء وكثرة الأخطاء، كما أن اتساع رقعة الدجل من ضعاف النفوس والجشعين وعديمي الخبرة أدى إلى تطاول بعض الأطباء الأجانب إلى عمل كل ما يريدونه بطريقةٍ مخزية وكأنما أصبح المريض اليمني غنيمة والطب فقط تجارة، كل ذلك أعطى صورة قاتمة للطب أمام المريض.

إن على الأطباء الأكفاء إذا أرادوا صنع وضعٍ طبي أفضل أن يعيدوا ترتيب أنفسهم وتوحيد جهودهم في نقابة علمية موحدة تكون لها قيمتها داخلياً وخارجياً قبل أن يختلط الحابل بالنابل وتزداد نسبة الفاشلين الذين يعبثون على حساب سمعة وكفاءة الأطباء المتميزين والمؤهلين علمياً وأخلاقياً وطبياً والموجودين بفضل الله في كل التخصصات .

نزل المقال من هنا

TOP